هديل القضاه
خلال السنوات الأخيرة، تزايد دور منظمات المجتمع المدني في الأردن في رصد الانتهاكات الواقعة على الفئات الاجتماعية التي تتعرض للتهميش والتمييز، وأصبحت هذه المنظمات، شريك ولاعب أساسي في تطوير آليات فعالة لزيادة الوعي بقضايا حقوق الانسان وتبني النهج الديموقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية، لتشُكل حلقة وصل بين الخطاب الشعبي والحكومة؛ من خلال حشد المواطنيين نحو التحرك للمطالبة بحقوقهم.
أصبح من المُسلمات، أن هناك العديد من أوجه التمييز التي تقع على النساء عالميا ومحليا، مثل تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة، التمييز في الأجور، ضعف المشاركة السياسية، والعنف الموجه ضد النساء بكافة أشكاله. ولا يمكن أن تتمتع المرأة بالعدالة الاجتماعية، أي حصولها على حقوق متساوية في الوصول إلى الموارد والفرص، والقدرة على اتخاذ القرار؛ في ظل أوجه التمييز هذه.
من هنا، يأتي دور قطاع منظمات المجتمع المدني كشريك في العمل على تذليل العقبات التي تحد من تحقيق عدالة النوع الاجتماعي، وتجسير الفجوات في السياسات والممارسات، نحو الوصول إلى مجتمع تتمتع به النساء بحقوق متساوية في التوزيع العادل للفرص.
وتتمثل هذه المشاركة، من خلال اعداد الدراسات والتقارير والأبحاث التي تكشف عن حجم فجوات النوع الاجتماعي بشكل معمق، كالدراسات التي يعمل على اعدادها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، ذات البعد الاقتصادي، مثل التحديات التي تعاني منها المرأة العاملة. اذ توصلت احدى الدراسات الحديثة التي عمل على اعدادها المركز، أن النساء أُهملت احتياجاتهن في خطط التخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا. كما عمل المركز بالشراكة مع عدد من منظمات المجتمع المدني على كتابة تقرير الظل لإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الذي سيتم تقديمه إلى لجنة الاتفاقية في شهر حزيران القادم. ويرصد التقرير مدى مضي الأردن قدما في اطار التزامه بتطبيق بنود الاتفاقية.
علاوة على ذلك، تعمل منظمات أخرى على تطوير برامج رقابية لضمان تحقيق عدالة النوع الاجتماعي، مثل برنامج “عين على النساء” التابع لجمعية معهد تضامن النساء الأردني، الذي يهدف إلى تحديد أوجه عدم المساواة بين الجنسين في المشاركة السياسية واعتماد أفضل الممارسات خلال أي عملية انتخابية وطنية عامة.
وهناك دور مهم للخطط الوطنية التي تتعاون مجموعة من منظمات المجتمع المدني بالشراكة مع الحكومة على صياغتها، مثل تطوير الخطة الوطنية الأردنية لتفعيل قرار مجلس الأمن 1325 المرأة والأمن والسلام.
ويمكن القول، أن الحراك النسوي في الأردن، وان كان لا يزال يحتاج الى اطار ممنهج، الا أنه يساهم في تحقيق تقدم ايجابي على مستوى تعديل السياسات والقوانين، وفي هذا السياق، يعتبر إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الأردني؛ نتيجة لجهود تحالف مجموعة من منظمات المجتمع المدني للضغط على الحكومة، لتغيير التشريعات ذات العلاقة بحماية النساء من العنف والاعتداءات الجنسية.
إضافة إلى ذلك، تشارك منظمات المجتمع المدني في الأردن سنويا بالحملة العالمية ” 16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء”، من خلال مجموعة من الأنشطة والحملات المحلية. وإحدى هذه الحملات التي نفذت في نهاية عام 2020، حملة توعوية إعلامية تحت شعار” شُغلها بيحميها”. سلطت الحملة الضوء على العنف الاقتصادي ضد المرأة، من خلال نشر المقالات الصحفية والفيديوهات التوعوية والكاريكاتير والرسائل الإعلامية بالتعاون مع المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة لنشر ثقافة العمل اللائق والعدالة وعدم التمييز في العمل، وهناك دور بارز لجمعية معهد تضامن النساء الأردني في توضيح مؤشرات ومظاهر العنف الاقتصادي في الأردن، وتقديم سياسات وحلول بديلة.
ولا تقتصر المنظمات الفاعلة في هذا الشأن على مناطق محددة، على سبيل المثال حملة “المرأة الريفية صوت ذو أهمية سياسيا” نفذت في اقليم الشمال، والتابعة لمركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة في عجلون ومركز نحن نشارك لتنمية المجتمع المدني، بهدف تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني نحو تحسين الأداء البرلماني من منظور النوع الاجتماعي.
وفي هذا الإطار، يتجه المجتمع المدني نحو المساهمة في تحقيق عدالة النوع الاجتماعي من خلال العمل على الوصول إلى الحالة التي يفنى فيها التمييز والاستغلال من الثروة أو السلطة أو كليهما ضد النساء، وان كان هناك العديد من التحديات، والتقدم بطيء، الا أن العمل نحو اتاحة الفرص للنساء في تنمية قدراتهم وطاقتهم وتوظيفها بما يوفر لهم القدرة على الحراك الاجتماعي إلى الامام، يقود المجتمع إلى النمو والتقدم المستدام.
2021/4/25