سارة القضاة
قالت منظمة العمل الدولية إن التقدم في حالة الحماية الاجتماعية في العالم "غير كافٍ"، وبخاصة مع تزايد أهمية الحصول على الرعاية الصحية وإعانات المرض والبطالة أثناء فترة جائحة كورونا.
ووفق تقرير أصدرته المنظمة أخيرا، وجاء بعنوان "التقرير العالمي للحماية الاجتماعية ٢٠٢٠-٢٠٢٢: الحماية الاجتماعية عند مفترق الطرق - سعياً نحو مستقبل أفضل" فإن الثغرات المتعلقة بالتغطية وكفايتها ترتبط بنُظم الحماية الاجتماعية وشموليتها وكفايتها بنقص كبير في الاستثمار فيها، وبخاصة في أفريقيا والدول العربية.
وأشار التقرير إلى أن الدول العربية والأفريقية تعاني من ثغرات بارزة بشدة في التغطية، حيث بلغ متوسط نسبة التغطية في الدول العربية نحو 40%، والأفريقية 17.4% فقط، بمقابل قرابة 84% في أوروبا وآسيا الوسطى.
وأوضح التقرير أن 46.9% فقط من سكان العالم يتمتعون بإعانة واحدة على الأقل من إعانات الحماية الاجتماعية، في حين ظلت النسبة المتبقية البالغة 53.1%، أي ما يقارب 4.1 مليار شخص، متروكة دون حماية على الإطلاق.
وانبثقت عن التقرير خمس رسائل أساسية فيما يتعلق بإرساء نُظم الحماية الاجتماعية القائمة على الحقوق، بما في ذلك الأرضيات، في سياق جائحة كورونا، ومدى إسهامها في إطار برنامج عام 2030 من أجل التنمية المستدامة.
وأشار التقرير إلى أن الجائحة كشفت عن مواطن انعدام المساواة المتجذرة بعمق، والثغرات الكبرى في تغطية الحماية الاجتماعية وشموليتها وكفايتها في جميع البلدان، إذ تفاقمت بسببها التحديات المنتشرة من قَبيل ارتفاع مستويات انعدام الأمن الاقتصادي واستمرار الفقر، وازدياد انعدام المساواة واتساع نطاق السمة غير المنظمة وهشاشة العقد الاجتماعي.
كما كشفت الجائحة استضعاف مليارات من الناس غير المتمتعين بحماية كافية من موجات الصدمة الاجتماعية والاقتصادية التي تسبب بها جائحة كورونا، الذين كان يبدو أنهم "على ما يرام نسبيا".
ووفق التقرير، فإن الجائحة حفزت استجابات سياسية في مجال الحماية الاجتماعية "لا نظير لها"، إذ نظمت الحكومات استجابة الحماية الاجتماعية بوصفها الخط الأمامي لحماية صحة الناس والوظائف والمداخيل ولضمان الاستقرار الاجتماعي.
بَيد أنه على الرغم من بعض الدعم الدولي، إلا أن العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل عانت "الأمرّين" سعيا إلى تكوين حماية اجتماعية متناسبة واستجابة حافزة لاحتواء الآثار السلبية للجائحة بالطريقة التي استطاعت البلدان مرتفعة الدخل القيام بها، ما أدى إلى "ثغرة حوافز" ناشئة إلى حد كبير عن الثغرات الكبرى في التغطية والتمويل.
ولاحظ التقرير أن الانتعاش الاجتماعي الاقتصادي ما يزال "غير مؤكد"، وسيظل تعزبز الإنفاق على الحماية الاجتماعية "أمرا حاسما"، إذ تحذر آخر التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي من انتعاش متفاوت تتمتع بموجبه أعنى البلدان بقفزة اقتصادية سريعة، في حين تشهد البلدان منخفضة الدخل ارتدادا في مكاسبها الإنمائية حديثة العهد.
وبيّن التقرير أن البلدان تقف "على مفترق طرق" فيما يخص مسار نظم الحماية الاجتماعية لديها، فعلى الرغم من التذكير القوي بالأهمية الحاسمة للاستثمار في الحماية الاجتماعية الذي أعادته الجائحة، إلا أن كثيرا من البلدان تواجه قيودا مالية كبرى.
وأشار التقرير إلى أن جميع البلدان تقريبا، أيا كان مستوى التنمية فيها، تقف أمام خيارين، إما أن تستمر في اتباع استراتيجية "رئيسة" في الاستثمار في تعزيز نُظم الحماية الاجتماعية، أو اتباع استراتيجية "ثانوية" في توفير الحد الأدنى من الخدمات تحت تأثير الضغوط المالية أو السياسية.
ولفت التقرير إلى أن إرساء حماية اجتماعية شاملة وإنفاذ حق الإنسان في الضمان الاجتماعي للجميع يعتبر "حجر الزاوية" في نهج متمحور حول الإنسان للحصول على العدالة الاجتماعية، ما يسهم في منع الفقر واحتواء انعدام المساواة وتعزيز القدرات البشرية والإنتاجية وغيرها