هديل القضاه
تشكل منظمات المجتمع المدني حلقة وصل مهمة بين الحكومة والمجتمع الدولي، من خلال مراقبة ومتابعة تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل (UPR) لحقوق الإنسان على أرض الواقع، حيث تعمل منظمات المجتمع المدني بشكل مستمر على جمع البيانات وتحليل المؤشرات ذات الصلة بتنفيذ التوصيات، مما يعزز من شفافية العملية ويتيح وصفاً دقيقاً لمدى التزام الحكومة بتعهداتها.
تمثل عملية توثيق أي انتهاكات أو خطوات تراجعية قد تتعارض مع التوصيات المعتمدة أحد الأدوار الحيوية التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني في هذا السياق. هذا التوثيق ليس فقط وسيلة لرفع الوعي بالقضايا الحقوقية، بل يعد أيضا أداة ضغط لتحفيز الجهات المعنية على اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعاون المستمر مع الجهات الحكومية من خلال تنظيم اجتماعات دورية لمناقشة التقدم المحرز والتحديات القائمة، يساعد في إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، ويعمل على إيجاد حلول للمشكلات التي قد تعرقل تنفيذ التوصيات.
في حين أن إعداد تقارير الظل أو التقارير الموازية، أداة فعالة أخرى بيد المجتمع المدني، حيث تُقدَّم هذه التقارير إلى مجلس حقوق الإنسان كجزء من عملية المتابعة، وتعكس هذه التقارير رؤية منظمات المجتمع المدني الخاصة حول مدى التزام الحكومة بالتوصيات، مما يتيح للمجتمع الدولي تقييم التقدم المحرز بصورة أكثر شمولية.
علاوة على ذلك، تؤدي حملات التوعية دوراً مهماً في تثقيف المجتمع حول حقوق الإنسان وأهمية تنفيذ توصيات الاستعراض. هذه الحملات تسهم في بناء قاعدة دعم مجتمعية، وتشجع الأفراد على المشاركة في الجهود الرامية لتحسين حالة حقوق الانسان، كما أن التنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان يعد عنصراً أساسياً في تقديم الدعم الفني والمساعدة في متابعة التنفيذ، حيث تساهم هذه الشراكات في تعزيز القدرات المحلية وضمان متابعة فعالة للتوصيات.
وتعتبر منصات الرصد الإلكترونية فرصة للمجتمع المحلي وكافة الأطراف المعنية، للوصول إلى المعلومات والتقارير الدورية لمتابعة تنفيذ التوصيات، ولا يمكن تجاهل أهمية وسائل الإعلام، في زيادة الضغط على الحكومة لتنفيذ التوصيات. من خلال نشر التقدم المحرز أو الكشف عن القصور في التنفيذ، تستطيع وسائل الإعلام تحفيز الرأي العام ودفع الجهات المعنية لاتخاذ خطوات ملموسة. وفي هذا السياق، تعتبر حملات المناصرة أحد الأدوات الفعالة التي يمكن من خلالها الضغط على الحكومة لتسريع تنفيذ التوصيات، مع التركيز على قضايا محددة وحشد الدعم اللازم لتحقيق الأهداف المرجوة.
من ناحية أخرى، يمثل التعاون مع مجلس الأمة من النواب والأعيان، خطوة مهمة للمجتمع المدني في الوقت الراهن، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية الجديدة في الأردن، حيث تمثل هذه الفترة فرصة ذهبية للمجتمع المدني لتوعية المرشحين بأهمية تطوير برامج انتخابية قائمة على نهج حقوق الإنسان، والدعوة إلى تبني سياسات تعزز تنفيذ التوصيات.
ان عدم التنسيق بين الجهات المختلفة قد يؤدي إلى تعارض الجهود، مما يقلل من فعالية التنفيذ. وفي بعض الحالات، تختار بعض الحكومات تنفيذ التوصيات التي تتماشى مع مصالحها أو التي تكون أقل تحديًا، بينما تتجاهل التوصيات الأخرى الأكثر حساسية أو التي تتطلب تغييرات جوهرية.
ولا بد من الإشارة، انه لا تزال منظمات المجتمع المدني في الأردن تواجه قيودًا حكومية تحد من قدرتها على العمل بحرية مما يعرقل من دورها في متابعة تنفيذ التوصيات، كما أن الكثير من منظمات المجتمع المدني تواجه صعوبات في تأمين التمويل اللازم لدعم تنفيذ التوصيات. لربما تكون الخطوة الأولى أمام المجتمع المدني هي دعوة الحكومة إلى تنفيذ التوصيات التي قبلها الأردن ذات الصلة بإزالة القيود على عمل المجتمع المدني.