طالب مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بضرورة اجراء تعديلات جوهرية على قانون الجمعيات تأخذ بعين الاعتبار المبادئ الأساسية لحقوق الانسان.
جاء ذلك في ملخص سياسات أصدره مركز الفينيق اليوم الأحد تحت عنوان "نحو قانون جمعيات يستند الى مبادئ حقوق الانسان"، بمناسبة إعادة استئناف المشاورات التي تجريها الحكومة لتعديل القانون.
وجاء في ملخص السياسات أن قانون الجمعيات رقم 51 لسنة 2008 وتعديلاته من القوانين الأساسية التي تنظم عمل الجمعيات في الأردن، والتي تشكل العمود الفقري لمنظمات المجتمع المدني في الأردن. وأن الجمعيات تلعب دورا مهما في تعزيز مسارات التنمية المستدامة المختلفة، وتعزيز أوضاع حقوق الانسان، أكان على مستوى تقديم الخدمات المباشرة للمجتمع ومكوناته الأكثر هشاشة، أو على مستوى السياسات الناظمة لها، من حيث تحليل السياسات واقتراح سياسات بديلة.
وأشار الملخص أن قانون الجمعيات ينظم واحدا من أهم حقوق الانسان التي تشكل مفتاحا وأداة لتحقيق حقوق أخرى، وهو الحق في التنظيم، وهو بحاجة ماسة الى اجراء تعديلات جوهرية، تضمن للمواطنين الحق في تشكيل الجمعيات والمشاركة فيها. وأكد ملخص السياسات أن الحق في التنظيم يعد حقا مزدوجا فهو حق مدني وسياسي، الى جانب أنه حق اجتماعي واقتصادي، لذلك تم التأكيد عليه في كلا العهدين، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأشار ملخص السياسات أن الأردن تأخر كثيرا في اجراء التعديلات الملائمة على قانون الجمعيات بما يتوائم مع التزاماته الدولية من جهة، وبما يتوائم مع الدستور الأردني من جهة أخرى، خاصة المواد 16 و128 من جهة أخرى. حيث كفل الدستور الأردني في المادة 16 حق الأردنيين في تشكيل الجمعيات، كذلك أكد الدستور في المادة 128 منه على أنه "لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها".
وطالب مركز الفينيق بضرورة الأخذ بعين الاعتبار عند تعديل قانون الجمعيات، مجموعة من المبادئ التي تساهم في تعزيز استقلاليتها وقيمتها المضافة، وتأخذ بعين الاعتبار مبدأ تسجيل الجمعيات بالإخطار (الإيداع)، وكذلك مبدأ الرقابة البعدية على كافة أعمال الجمعيات وحصولها على مواردها وليس الحصول على موافقات حكومية مسبقة، وضمان تطبيق الجمعيات لمبادئ الحوكمة بكافة تفاصيلها. وهذا يتطلب التخلي عن شروط الموافقات الحكومية المسبقة على تأسيس الجمعيات، وصلاحيات الحكومة في حل الجمعيات، وحصولها على التمويل بمختلف أنواعه، الى جانب الاشتراطات الأخرى ذات العلاقة بعقد اجتماعات الهيئات العامة.
وأوضح المركز ان أية تعديلات يمكن اجرائها على نصوص القانون لا تجري تغييرات جوهرية على المواد القانونية ذات العلاقة بالمبادئ المذكورة أعلاه، تعد تعديلات إجرائية وشكلية - ربما تكون مهمة- ولكنها لن توفر بيئة تمكينية ملائمة لعمل الجمعيات، وسيبقي الأردن بعيدا عن الوفاء بالتزاماته نحو الحق في التنظيم كجزء أساسي من منظومة حقوق الانسان.
وأكد ملخص السياسات على ان القيمة المضافة للجمعيات كمكون أساسي من المجتمع المدني مرتبطة بشكل كبير برؤيتها المختلفة للسياسات العامة، وقدرتها على العمل وفق زوايا نظر مختلفة عن رؤى الحكومات للعديد من القضايا والملفات، وبالتالي فإن أية تعديلات على قانون الجمعيات أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية تعزيز استقلال الجمعيات المنشأة بموجبه في تأسيسها وآليات عملها وسبل حصولها على مواردها المختلفة.
وطالب مركز الفينيق أن يتم توسيع دائرة المشاورات حول تعديلات القانون، وأن يتم الاستفادة من نتائج الحوار الموسع الذي جرى خلال العامين الماضيين بين منظمات المجتمع المدني المتخصصة بالموضوع ووزارة التنمية الاجتماعية، لأن الجوانب السياسية فيه أوسع من الفنية والإدارية، وهذا سيجنبنا إشكاليات يمكن أن تحدث حول هذا القانون الهام، كما حدث في قانون الجرائم الالكترونية.
وقدم مركز الفينيق مجموعة من التعديلات على قانون الجمعيات، تمثل أهمها فيما يلي: تعديل نص الفقرة (أ) من المادة (5) من القانون، التي تعطي مجلس ادارة سجل الجمعيات سلطة الموافقة المسبقة على تسجيل الجمعيات، ونقترح إعادة النظر بموضوع الحصول على موافقة مسبقة على تأسيس الجمعيات من قبل سجل الجمعيات، باتجاه التحول نحو التسجيل بالإخطار (الإيداع)، وفي حال اعتراض سجل الجمعيات أو أي جهة رسمية أخرى يمكنها اللجوء إلى القضاء. مع التأكيد على مبدأ التسجيل بالإخطار (الإيداع) دون الحصول على موافقات حكومية مسبقة، مطلوب تعديل نص الفقرة (أ) من المادة (11) من القانون، التي تضمن المدة القانونية للتسجيل وهي (60) يوما من تاريخ تقديم الطلب باتجاه تقصيرها، لأنها فترة زمنية طويلة، ونقترح أن يتم اعتماد التسجيل الإلكتروني للجمعيات.
تعديل نص المادة (14) من القانون التي تلزم الجمعيات بوجوب إشعار الوزير المختص وأمين السجل بموعد اجتماع هيئتها العامة ومكانه وجدول أعماله وذلك قبل انعقاد الاجتماع بأسبوعين على الأقل، وإذا لم تقم الجمعية بذلك فلا يعتبر الاجتماع منعقد قانونيا، كما أعطت المادة لكل من الوزير المختص وأمين السجل تسمية ممثل عنهم لحضور اجتماع الهيئات العامة للجمعيات. اذ يتنافى هذا مع مبدأ حرية عمل الجمعيات ويحد من استقلاليتها في ممارسة أنشطتها.
تعديل نص المادة (16) من القانون، الذي يلزم الهيئات الادارية للجمعيات أن تقدم الى الوزارة المختصة خطة العمل السنوية، والاكتفاء بتقديم تقريرها السنوي الذي يتضمن انجازات الجمعية وأنشطتها ومصادر ايراداتها وأوجه إنفاقها وميزانيتها السنوية مدققة من محاسب قانوني. واعادة النظر في المادة (17) من هذا القانون، التي تشترط موافقة مجلس الوزراء لحصول الجمعيات على تمويل أجنبي، لأن ذلك يتنافى مع مبدأ وحرية واستقلالية عمل الجمعيات، والاكتفاء بإجراء تقييم بعدي في ضوء التقارير السنوية التي تقدمها الجمعيات للوزارة المختصة. خاصة وأن البنك المركزي يطبق أعلى معايير الضبط المالي لمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والأنشطة غير القانونية على جميع المؤسسات ومنها الجمعيات.