مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية – سارة القضاة
أوصى تقرير صادر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، بضرورة توفير بيئة تشريعية تعزز استقلالية منظمات المجتمع المدني، ودورها في عملية التنمية وتعزيز حقوق الإنسان.
وركز التقرير، الذي جاء بعنوان “جهود منظمات المجتمع المدني في التنمية وتعزيز حقوق الإنسان”، على أهمية مراجعة قانون الجمعيات، مع الأخذ بالاعتبار مجموعة من المبادئ التي تساهم في تعزيز استقلالية الجمعيات وقيمتها المضافة، مثل مبدأ تسجيل الجمعيات، ومبدأ الرقابة البعدية على أعمال الجمعيات وحصولها على مواردها.
ويشير إلى أن ذلك يتحقق بتعديل مجموعة من المواد، منها: تعديل المادة (3) من القانون، التي تحظر على الجمعيات المشاركة في الأنشطة السياسية التي تدخل ضمن نطاق أهداف الأحزاب السياسية.
إذ يرى التقرير أن لغة المادة غير واضحة ولم يتم تحديد نوع الأهداف السياسية المحظور المشاركة بها، ما يؤدي إلى عرقلة تطوير النهج الديموقراطي، وعرقلة المشاركة السياسية وحماية حقوق الإنسان.
واقترح اعتماد التسجيل الإلكتروني للجمعيات، دون الحصول على موافقات حكومية مسبقة، وذلك بتعديل نص الفقرة (أ) من المادة (11) من القانون، التي تضمن المدة القانونية للتسجيل وهي (60) يوما من تاريخ تقديم الطلب.
وأوصى التقرير بإعادة النظر في المادة (17) من هذا القانون، التي تشترط موافقة مجلس الوزراء لحصول الجمعيات على تمويل أجنبي، لكونه بتنافى مع مبدأ وحرية واستقلالية عمل الجمعيات.
كما أوصى بالاكتفاء بإجراء تقييم بعدي في ضوء التقارير السنوية التي تقدمها الجمعيات للوزارات المختصة، خصوصا وأن البنك المركزي يطبق أعلى معايير الضبط المالي لمحاربة التمويلات والأنشطة غير القانونية على جميع المؤسسات ومنها الجمعيات.
ومن الناحية التشريعية، أوصى التقرير بمراجعة قانون العمل، من خلال تضمين القانون حوافز لتشجيع النقابات على التنسيق مع بعضها بعضا بإرادتها الذاتية.
ويرى أن هذه الحوافز تُمنح للنقابات الأكثر تمثيلا للعمال، سواء بالمشاركة في اللجنة الثلاثية أو في المجلس الاقتصادي الاجتماعي أو أي هيئات وطنية للحوار الاجتماعي إضافة إلى المفاوضات الجماعية.
واقترح التقرير أن يكون للعمال الأجانب حق المشاركة في تأسيس النقابات وتسييرها على الأقل بعد فترة معقولة من إقامتهم في البلاد، أو اعتماد نسبة معينة من العمال الأجانب من بين المؤسسين.
وأوصى بتعديل المادة (100) من القانون، التي تسمح للاتحاد العام للنقابات بوضع نظام داخلي موحد للنقابات، كونها تتعارض مع معايير العمل الدولية، فوضع الأنظمة الداخلية من صلاحية الهيئات العامة للنقابات منفردة فقط.
كما أوصى بتعديل الفقرة (ب) من المادة (103) التي فرضت على الاتحاد والنقابات العمالية المصادقة على أية تعديلات على أنظمتها من قبل مسجل النقابات ونقابات أصحاب العمل في الوزارة، مما يتعارض جوهريا مع معايير العمل الدولية، ويمس استقلالية النقابات.
وحض على مراجعة قانون الشركات، فيما يتعلق باشتراط الحصول على موافقة مجلس الوزراء للحصول على تبرع أو تمويل من شخص غير أردني، ما يقيد عمل هذه الشركات.
ويرى التقرير أن تكون الرقابة في الأصل على هذه الشركات بعدية، أسوة بباقي الشركات، لما يشكله الشرط من حد لاستقلالية الشركات، ويفرض عليها رقابة بعدية لا تتوفر لدى الشركات الأخرى التي ينظم عملها قانون الشركات ذاته.
وأوصى التقرير بتعديل المادة (5) من نظام الشركات غير الربحية في الأردن، التي تشترط أن تكون غايات الشركة تقديم الخدمات التي لا تحمل طابعا ربحيا، يوافق عليها المراقب العام للشركات، ما يحصرها في إطار ضيق.
كما أوصى بتعديل نص المادة (15) من هذا النظام، التي تمنح الوزير صلاحية إنذار الشركة وإحالتها للتصفية لأي سبب كان، إذ يرى أن هذه الصلاحيات من اختصاص القضاء وليس الوزير.
وأشارت هديل القضاة مسؤولة البحث في مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية، إلى أن إحدى أهم التوصيات التي جاء بها التقرير هي دعوة منظمات المجتمع المدني إلى تطوير خطط استجابة للطوارئ بالتشاور مع أصحاب المصلحة للاستعداد لأزمات مثل أزمة جائحة كورونا.
ونبهت إلى أهمية العمل على بناء مرونة ما بعد الحادث، من خلال وضع خطة للتعافي السريع من الاضطراب الناجم عن حالات الطوارئ.
وأوصت بتمكين المجتمع المدني من خلال الوسائل الرقمية، وأهمية اكتساب بنية تحتية رقمية عالية الجودة، وتبني سياسات اتصال رقمية رفيعة المستوى، التي تجعل دعوة عدد غير محدود من الأشخاص والوصول إلى مناطق نائية أمرا ممكنا.
وشددت على أهمية تعزيز الشراكة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، والعمل على “مأسسة” العلاقات بينهما في البرامج الحكومية، إضافة إلى تطوير الخطط والسياسات والممارسات لنهج تشاركي مع المجتمع المدني.
وترى أن من شأن الشراكة أن تزيد من المسؤولية والشفافية، وتشكل تدبيراً وقائياً لمنع الفساد في بعض الحالات، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، والحكم الرشيد.
وشجعت القضاة على شراكة القطاع الخاص مع منظمات المجتمع المدني، كجزء من عملية التنمية والمسؤولية الاجتماعية، وذلك من خلال تطوير مجموعة من الأدوات التحفيزية لدعوة أصحاب الأعمال للمساهمة في دعم مشاريع وبرامج منظمات المجتمع المدني.
كما دعت إلى تعزيز الشراكة بين منظمات المجتمع المدني مع بعضها بعضا، من خلال بناء المزيد من التحالفات، وتقديم الحصول على المشاريع ككيان واحد للتحالفات، للابتعاد عن التنافسية وتطوير العمل التشاركي بين المنظمات.
وهدف هذا التقرير إلى الكشف عن جهود منظمات المجتمع المدني في قضايا التنمية وتعزيز حقوق الانسان، في ظل التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني في الأردن وتعيق عملها.
وقيّم التقرير الاحتياجات الرئيسية لمنطمات المجتمع المدني، كما وضع مقترحات حول البرامج التدريبية التي تلبي هذه الاحتياجات، وبخاصة في ظل تداعيات جائحة كورونا.