يتّرقب المجتمع المدني الأردني، الكشف عن مسودة قانون الجمعيات الجديد، بعد ان صرّح رئيس لجنة إعداد القانون، أن المسودة ستنشر، حال وصلت نسبة التوافق بين أعضاء اللجنة من 80 الى 85 بالمئة.
جاء ذلك بعد سلسلة الحوارات التي أجرتها اللجنة المكلفة مع المجتمع المدني على مدار الأشهر الماضية، حول مقترحات تعديل القانون، التي قاد جانبا منها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة بيت الخبرة الفرنسية Expertise France.
ما يزال المجتمع المدني في حالة تخوف وقلق، من أن يفرض القانون الجديد قيودا أشد صرامة من ذي قبل. في الوقت الذي يؤكد وزير التنمية الاجتماعية، أن أي تعديلات على القانون المعمول به حاليا "ستكون أفضل".
وكان مركز الفينيق أرسل مذكرة إلى وزير التنمية الاجتماعية تضمنت مجموعة من التوصيات لأخذها بالاعتبار عند تعديل القانون، تضمنت تعديل نص الفقرة (أ) من المادة (5) من القانون، التي تعطي مجلس إدارة سجل الجمعيات سلطة الموافقة المسبقة على تسجيل الجمعيات.
إذ طالبت المذكرة بإعادة النظر بهذه الفقرة، بالتحول نحو التسجيل، وفي حال اعتراض سجل الجمعيات أو جهة رسمية أخرى يمكنها اللجوء إلى القضاء. خصوص وأن القانون الساري لا يلزم السجل تبرير رفض تسجيل الجمعيات، على الرغم من أن لمقدم الطلب الحق في استئناف القرار أمام المحكمة، إلا أن عدم وجود سبب محدد للرفض يجعل من الصعب الطعن بالقرار في حال تم رفض تأسيس الجمعية. وهذا يعني أن الرفض لا يستند إلى معايير منهجية ولكنه متروك لتقدير المسؤولين.
كما طالبت المذكرة بتعديل نص الفقرة (أ) من المادة (8) من القانون، الذي يشترط في العضو المؤسس لأي جمعية، أن يكون أردني الجنسية، على الرغم مما ورد في نص الفقرة (د) من المادة (11) من القانون، التي تفرض الحصول على موافقة مجلس الوزراء إذا كان بين الأعضاء المؤسسين للجمعية شخص غير أردني، لأن هذا مخالف للمعايير الدولية والممارسات الفضلى التي منحت هذا الحق " لكل فرد" ولم تحدد الجنسية.
كذلك طالبت بتعديل نص المادة (14) من القانون التي تلزم الجمعيات بوجوب إشعار الوزير المختص وأمين السجل بموعد اجتماع هيئتها العامة ومكانه وجدول أعماله قبل انعقاد الاجتماع بأسبوعين على الأقل، وإذا لم تقم الجمعية بذلك، فلا يعتبر الاجتماع المنعقد قانونيا، كما أعطت المادة لكل من الوزير المختص وأمين السجل تسمية ممثل عنهما لحضور اجتماعات الهيئات العامة للجمعيات، إذ يتنافى هذا مع مبدأ حرية عمل الجمعيات ويحد من استقلاليتها في ممارسة أنشطتها.
وشددت المذكرة على ضرورة تعديل نص المادة (16) من القانون، الذي يلزم هيئة إدارة الجمعية (أي جمعية) أن تقدم إلى الوزارة المختصة خطة العمل السنوية، والاكتفاء بتقديم تقريرها السنوي الذي يتضمن إنجازات الجمعية وأنشطتها ومصادر إيراداتها وأوجه إنفاقها وميزانيتها السنوية مدققة من محاسب قانوني، لأن من شأن ذلك المس باستقلالية عمل الجمعيات ويفتح المجال للتدخل في أنشطتها.
وطالبت المذكرة بإعادة النظر في المادة (17) من هذا القانون، التي تشترط موافقة مجلس الوزراء لحصول الجمعيات على تمويل أجنبي، لأن ذلك يتنافى مع مبدأ حرية واستقلالية عمل الجمعيات، والاكتفاء بإجراء تقييم بعديّ في ضوء التقارير السنوية التي تقدمها الجمعيات للوزارة المختصة. خصوصا وأن البنك المركزي يطبق أعلى معايير الضبط المالي لمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والأنشطة غير القانونية على جميع المؤسسات ومنها الجمعيات.
إذ يحق للجمعيات، وفق المذكرة، الحصول على الموارد اللازمة لإدارة شؤونها، واقترحت المذكرة الاستعاضة عن فكرة الحصول على "موافقات مسبقة" على التمويل الخارجي بـ"مجموعة من معايير الحوكمة الدقيقة" التي تشمل الإفصاح عن مصادر التمويل وأوجه إنفاقه، والرقابة البعدية والقضائية التي تضمن الحد من الممارسات غير القانونية التي يمكن أن تقترفها بعض الجمعيات كما هو موجود حيال غيرها من المؤسسات العامة والخاصة.
وأوردت المذكرة أنه يمكن للحكومة كذلك الإعلان مسبقا عن مصادر التمويل التي يحظر التعامل معها والحصول على تمويل منها. وعلى أرض الواقع ما تزال الجمعيات تعاني من مشكلة تأخر الحصول على الموافقات الحكومية أو رفضها، ما يحرم هذه الجمعيات فرصة الحصول على مواردها.
وطالبت المذكرة أيضا بتعديل نص المادة (19)، التي تمنح الوزير المختص صلاحية تعيين هيئة إدارية مؤقتة للجمعية لتقوم مقام هيئة إداراتها وتحل محلها، أيا كان السبب في ذلك، إذ يجب أن يكون ذلك "من اختصاص القضاء وليس الوزير المختص".
وأوصت المذكرة بتعديل نص المادة (20) من القانون، التي تعتبر أي جمعية لم تباشر أعمالها أو توقفت عن ممارستها لمدة سنة منحلة حكما، إذ لفتت المذكرة إلى أنه يمكن أن تتوقف الجمعية عن العمل لأسباب خارجة عن إرادتها، مثل انتهاء أحد المشاريع التي نفذتها، واقترحت في هذ الشأن أن تمنح هذه الصلاحية إلى "السلطة القضائية وليس للوزير المختص".